كتب تقرير في يديعوت أحرنوت أن القاهرة بدأت ترسل إشارات متزايدة بالانزعاج من إسرائيل بعد الغارة الجوية على قيادات بارزة من حركة حماس في الدوحة، وهي ضربة وصفتها قطر بانتهاك لسيادتها وتقويض لجهود الوساطة الإقليمية. وأكد مسؤولون مصريون أن مشاركتهم في محادثات التهدئة بقطاع غزة ستبقى محدودة ما لم يغيّر بنيامين نتنياهو مساره، مشددين على أن تحركات القاهرة ستخضع حصراً لأولويات الأمن القومي المصري.
أوضح التقرير أن مصر لم تعلن انسحابها من محادثات التهدئة، لكنها تراجع شكل انخراطها الدبلوماسي عقب التصعيد الأخير. مصدر مصري آخر شدد على أن القاهرة تختار توقيت وكيفية التواصل مع الجانب الإسرائيلي، قائلاً: "طالما استمر نتنياهو في سياساته الحالية، سيبقى تعامل مصر في حدود ضيقة مرتبطة فقط بأمنها القومي".
جاء ذلك بعد إدانة قطر الشديدة لاتهامات نتنياهو، إذ زعم أن الدوحة تخفي قيادات من حماس تحت ستار الوساطة. وردّت وزارة الخارجية القطرية بوصف تلك المزاعم بأنها "محاولة مخزية لتبرير هجوم جبان" على أرض قطرية، موضحة أن ممثلي حماس استُضيفوا بشكل علني وضمن إطار وساطة دولية طلبتها الولايات المتحدة وإسرائيل.
تصريحات نتنياهو بالإنجليزية، التي شبّه فيها الوساطة القطرية بهجمات 11 سبتمبر، أثارت غضباً إضافياً في الدوحة. وردّت قطر بأن هذا التشبيه "تحريف يائس"، مؤكدة أن أي وساطة دولية لم تتضمن يوماً تعاوناً مع تنظيم القاعدة. وأعلنت الدوحة عزمها مواصلة دورها كوسيط دبلوماسي والدفاع عن سيادتها بجميع القنوات القانونية والدولية المتاحة. وذكرت أن فريقها القانوني اجتمع هذا الأسبوع لوضع مسارات تحرّك قانونية جديدة تعزز التزامها بالقانون الدولي.
في القاهرة، عمّقت تداعيات الضربة المخاوف من تجاهل إسرائيل لمطالب مصر بفتح ممرات إنسانية أوسع إلى غزة. وبحسب صحيفة "الأخبار" اللبنانية، وصلت الاتصالات المصرية – الإسرائيلية إلى أدنى مستوياتها منذ اقتصارها على لجنة التنسيق العسكري المنبثقة عن اتفاقية كامب ديفيد. وأشار التقرير إلى غياب أي تقدم في محادثات التهدئة مع الولايات المتحدة، بينما حذّرت القاهرة واشنطن من أن أي هجوم مشابه على الأراضي المصرية سيؤدي إلى "عواقب مدمّرة". وأكدت مصادر مصرية استعداد بلادها لاستضافة وحماية قادة الفصائل الفلسطينية على أراضيها.
مصدر مصري آخر كشف أن الضربة الإسرائيلية في الدوحة ربما جاءت بديلاً عن عملية سابقة فشلت في تركيا. وفي الوقت نفسه، واصل الإعلام القطري تصوير الهجوم باعتباره تتويجاً لحملة إسرائيلية طويلة المدى تستهدف تقويض دور الدوحة في ملف غزة، مشيراً إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين سابقين اتهموا قطر بتمويل حركة حماس.
يظهر من مجمل المواقف أن مصر، التي طالما لعبت دور الوسيط الرئيسي بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، باتت تعيد حساباتها بدقة، فيما تصرّ قطر على التشبث بدورها كوسيط رغم الهجمات والتصعيد السياسي. أما إسرائيل، فترسل رسائل متشددة عبر ضربات عسكرية وخطاب سياسي يصعّب مهمة الوساطة، ويدفع بمستقبل المفاوضات إلى مزيد من الغموض.
https://www.ynetnews.com/article/bykucbejgg